باراك أوباما .. والحلم الأمريكي (2 من 3)
في الأسبوع الماضي دخل باراك أوباما البيت الأبيض سيداً هذه المرة وليس زائراً كالمرات السبع الأولى التي دعي فيها إلى البيت الأبيض دون أن يمنح حتى متعة النظر إلى المكتب البيضاوي الذي رآه لأول مرة. في هذه الزيارة، التي استمرت ساعة ونصف الساعة، ذهبت ميشيل مع حرم الرئيس بوش لتفقد البيت الأبيض من الداخل والتقى بوش وباراك في المكتب البيضاوي لأول مرة وجهاً لوجه، وقد ظهر الرئيس بوش هادئا بشوشاً مرحاً ومرحباً بالسيد الجديد وناقشا ترتيبات انتقال السلطة، إلى جانب قضايا أخرى ساخنة، ونقل الرئيس بوش نظره للرئيس الجديد فيما يتعلق بالقضايا المهمة والعاجلة ـ والرئيس الجديد صاحب شخصية جذابة وخطيب مفوه وقادر على إقناع الجماهير بسهولة، وهو كما أشرنا سابقاُ يخلط الدماء الأنجلوسكسونية مع دماء إفريقية دافئة، فوالدته جاءت من كنساس من قلب الوسط الأمريكي الأنجلوسكسوني المتعصب للونه، ووالده من داخل قارة إفريقيا السمراء والقصة معروفة للجميع ـ وفي مقابلة تلفزيونية أجراها تلفزيون CBS في برنامجه الشهير "ستون دقيقة" تحدث الرئيس وزوجته بكثير من التواضع والمسؤولية ونقلا للمشاهد صورة حقيقية لحقيقة وضعهما العائلي، وربما كانت ميشيل مع ثقافتها وجاذبيتها الشخصية وهي السيدة الجديدة في البيت الأبيض استعادت مجد جاكلين كنيدي وسطوة ونفوذ وشخصية هيلاري كلينتون وطيبة ووداعة لورا بوش، فقد تحدثا عن إمكانيات بدائية متواضعة لسكن الرئيس في شيكاغو وسيارة متواضعة تقول ميشيل إنها كانت ترى الشوارع من أرضيتها من خلال الفتحات الموجودة في أسفل السيارة، وهذا المستوى المتواضع لازم باراك في رحلته للدراسة في جامعة هارفارد، وخلال عضويته في الكونجرس، حيث سكن في شقة متواضعة في واشنطن ترفض زوجته الإقامة فيها عندما تزوره في واشنطن خلال السنوات الأربع الماضية.
إننا كعرب ومسلمين نشعر بكثير من الفرحة لدخول دماء جديدة براقة إلى البيت الأبيض وعسى أن تساعد الرئيس وإمكانيات نائب الرئيس جوزيف بايدن لمعالجة المشكلات الرئيسة في العالم بهدوء وعقلانية، وألا يختطف نائب الرئيس ومساعدوه السياسة الأمريكية إلى المسار نفسه الذي سار عليه الرئيس بوش ومساعدوه الذي عزل أمريكا وحولها إلى دولة معزولة عالمياً، بعد أن كانت قبلة الزوار من كل إنحاء العالم. وفي السنوات الأربع الأخيرة من فترة الرئيس بوش اتسمت بكثير من رداءة العلاقات مع العالم أجمع، فلا صديق ولا رفيق لهذه الإدارة ـ فإنني آمل ألا يتكئ الرئيس الجديد كثيراً على فريقه وأن يكون مبدأ التغيير الذي نادى به وكان شعار الانتخابات هو المبدأ الجديد في التعامل مع الدول والشعوب، وأن تكون شخصيته الجذابة والكريزما الحيوية سبيلاً إلى قلوب كثير من الشعوب المحبة للشعب الأمريكي ـ وآمل ألا يكون العرق الإفريقي في دماء الرئيس خيط ضعف يقوده مستقبلاً إلى الإذعان للمال والجاه والسياسي الذي يجيد أبناء عمنا أداءه بنجاح. كما أن الضغط العرقي الآخر للإسرائيلي الأمريكي راحم إيمانويل (رام) كبير موظفي البيت الأبيض، الذي كان أحد مهندسي النجاح بحكم علاقاته الإسرائيلية المباشرة كأحد جنود الجيش الإسرائيلي والأمريكي جنسية والإسرائيلي نسباً وصهراً سلماً لدخول النفوذ الإسرائيلي إلى بوابة البيت الأبيض، فقد أشار والده الإسرائيلي أما نويل أن مهمة ابنه راحم لن تكون غسل البلاط في البيت الأبيض ويمكن توجيه السياسة الأمريكية لدعم إسرائيل، وقد اعتذر راحم عما قاله أبوه للجالية العربية، وأن ذلك لا يعبر عن وجهة نظره.
على الجانب الآخر ربما تؤدي علاقات راحم بالكونجرس ومجلس الشيوخ وفي المقابل مع الجانب الإسرائيلي، خاصة نتنياهو المتوقع فوزه في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، إلى وضع قدمه على سلم الحلول في الشرق الأوسط ومشكلته الرئيسية فلسطين.
بعيداً عن دنس روس ومارتن اندك صاحب نظرية الاحتواء المزدوج في عهد كلينتون اللذين كانا وسيطين في حل القضية الفلسطينية مع ولاء للجانب الإسرائيلي، فربما كان الرئيس كلينتون أفضل وسيط لحل مشكلة الشرق الأوسط، أما السيدة زوجته فلا أعتقد أن لديها المهارات الرئيسية لتكون وزيرة للخارجية.
والله الموفق.