رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الصيرفة الإسلامية في المنطقة الموجبة

شهد هذا العقد التطور السريع للمصرفية الإسلامية. ونتج عن هذا حدوث تحول عجيب في الصناعة، حيث كان تركيزها في البداية على تقديم خدمات التمويل بالتجزئة ثم تطورت لتقدم طيفاً واسعاً من المنتجات والخدمات المالية، وكانت كذلك تركز على المجتمعات الإسلامية ثم تطورت لتقدم خدماتها إلى المجتمعات غير الإسلامية. وكانت في البداية محكومة بمعايير محاسبية وتنظيمية تقليدية، ثم تطورت الآن ليكون لها معاييرها الخاصة بها.
حتى الآن ظل التمويل الإسلامي في المنطقة الموجبة، على الرغم من بيئة الائتمان العالمية الصعبة. تُلزِم الأحكام الشرعية المستثمرين بأن تقوم التعاملات المالية على نشاط إنتاجي، ما يعمل بالتالي على خلق علاقة وثيقة بين الحركة المالية والحركة الإنتاجية.
إضافة إلى ذلك، وبموجب اتفاقية للمشاركة في المخاطر، فإن المؤسسة المالية الإسلامية ستقتسم مع صاحب المشروع أي أرباح أو خسائر. وبموجب هذا الترتيب، فإن هناك اقتساماً صريحاً للمخاطرة من قبل المؤسسة التمويلية والعميل، ويتوقع أن يعمل النشاط الحقيقي على توليد كمية من الأموال تكفي لتغطية المخاطر. وبالتالي فإن هذا الترتيب يفترض أنه يستتبع اتخاذ السبل المناسبة اللازمة في اليقظة والتحوط، وإدماج المخاطر المرتبطة بالنشاط الاستثماري الحقيقي ضمن التعاملات المالية. إضافة إلى ذلك فإن الأحكام الشرعية تحرم الإفراط في الديون الثقيلة ونشاطات المضاربة المالية، ما يعمل بالتالي على عزل الأطراف المتعاقدة ووقايتها من التعرض لمخاطر مفرطة من حيث الانكشاف المالي في الالتزامات.
بالتالي فإن المبدأ الكامن في التعاملات الإسلامية والقائم على اقتسام الربح والخسارة هو عبارة عن نظام أصيل لضبط مقاليد الأمور وعدم التجاوزات في التعاملات المالية الإسلامية. وفي هذه الترتيبات يُذكر بشكل صريح عنصر إدارة المخاطر وممارسات الحوكمة الرشيدة. وبالتالي فإن هذه كيفية يتم عن طريقها التأكيد بشكل صريح وقوي على السلامة الاقتصادية للموجودات التي تقوم عليها التعاملات الاستثمارية وعلى الحكم الرشيد في إدارة الاستثمار، وعلى الأخلاق والشفافية.
كذلك فإن قوى الابتكار تثير عدداً من القضايا بخصوص الاختلاف في الآراء حول الأحكام الشرعية التي يقوم عليها عدد من التعاملات المالية الإسلامية. وفي حين أن الاختلاف الذي من هذا القبيل في الآراء حول التعاملات المالية الإسلامية ليس ظاهرة جديدة، إلا أنه أثار قدراً متزايداً من الحوار الدولي بين الفقهاء الشرعيين في أماكن مختلفة من العالم. لكن العلاقات القوية بين الأسواق المالية الإسلامية العالمية، والمنصات المتزايدة للمزيد من التفاهم والحوار حول المسائل الشرعية، هي التي ستسهم في تعزيز المزيد من الفهم المشترك والقبول المتبادل للآراء حول القواعد، وحول المعايير والأحكام الشرعية، وحدوث التقارب. وسيعمل هذا على تطوير المعايير الشرعية العالمية لصناعة المالية الإسلامية.
بالنظر إلى الخلفية السائدة التي تتسم بالمزيد من اللبس في الأوضاع العالمية، فإن التمويل الإسلامي، باعتباره من أشكال التوسط المالي في النظام المالي العالمي، مستمر في كونه شكلاً قابلاً للاستمرار وقادراً على المنافسة. وخلال السنوات المقبلة فإن المزيد من المشاركة العالمية في هذه العملية التطويرية، بصورة مباشرة وغير مباشرة، سيعمل على تعزيز الدور الكامن الذي سيلعبه التمويل الإسلامي في المساهمة نحو قدر أكبر من الاستقرار المالي العالمي في النظام المالي الدولي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي