مستقبل الساحة الدولية في زمن العولمة
يظل موضوع العولمة مطروحا بقوة على الساحات: الثقافية، الاقتصادية، والسياسية ومثارا للجدل بين المفكرين والمنظرين. وهذا الكتاب من أهم الكتب التي تناولت موضوع العولمة ومستقبل الساحة الدولية في السنوات الأخيرة.
يتناول الكتاب التأثيرات التي تشكل الأنشطة التجارية والمنافسة في بيئة عالمية مملوءة بالتقنيات، ويعتبر دعوة إلى العمل موجهة للحكومات والشركات والأفراد الذين يجب يبقوا في مقدمة هذه الاتجاهات حتى يظلوا قادرين على التنافس.
في سرد يتخلله بعض دراسات الحالة واللقاءات وبعض الإحصاءات المذهلة، كانت رسالة فريدمان واضحة: كن مستعدًا لأن هذه الظاهرة لا تنتظر أحدا. دون أساليب بلاغية أو محاولات لبث الرعب في نفوس القراء، يرسم فريدمان صورة للعالم الذي يتحرك بصورة أسرع مما يستطيع الجميع مسايرتها.
وفي استعراض الكتاب لوضع الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي سريع التطور، فإن فريدمان لا يقدم فقط المشكلات التي تواجهها بل يقدم المعايير الوقائية والحلول الممكنة.
يعد هذا الكتاب بمثابة رحلة تاريخية وجغرافية، من خلال بعض القصص والحكايات منذ أيام كولومبس حتى مراكز الاتصال الحديثة في الهند. عبر مجموعة كبيرة من الصناعات والثقافات ومدارس الفكر يقدم الكتاب مجموعة من الأمثلة الواقعية كدليل على أن نظريته لا يمكن إنكارها.
من عقد المؤتمرات عن بعد إلى خدمات البث الشخصي ومن التصنيع إلى أخذ الطلبات من المطاعم، لا يترك كتاب "العالم مسطح" أي نقطة دون أن يوضحها في استفسار عن حلول للمشكلات التي لا يستطيع الجميع حتى تحديدها.
يعد تحليل الكتاب للعولمة محاولة شجاعة لشرح وفهم القوى المحركة لتسطيح العالم، ومع ذلك فقد اعترف بأن طبيعة هذه القوى تمنع الإنسان من الحصول على جميع الحلول. هذه الصراحة تتماشى مع موضوع الكتاب بأكمله، في أننا يجب أن نعرف كيفية التعلم، ونعلم أنفسنا أن نبقى متطلعين ومبتكرين، إذا أردنا أن نتميز في الاقتصاد العالمي.
وفي تحركه نحو نهاية هذا العرض للنظرية، حذر فريدمان من القوى التي قد تؤذي تسطيح العالم بشدة أو تبطئ منه، خاصة الخطر الذي تشكله الشبكات الإرهابية. هذا المنظور يتم تحديثه في الإعلام الذي تدفعه الأساليب المخيفة والمتاجرة بالخوف، حيث إن فريدمان يشجع طريقة واقعية وموضوعية لمواجهة هذا الخطر.
في حين يصبح الناس أكثر قدرة على التعاون والتنافس ومشاركتها مع الآخرين من مختلف الثقافات والديانات واللغات والخلفيات التعليمية، نجد أن النظرية التي يقدمها الكتاب ضرورية لتحقيق هذه العوامل وتحقيقها نتيجة فعلية.