3 أسباب تقود العالم لتسريع أبحاث الوقود الحيوي لاستخدامه تجاريا

3 أسباب تقود العالم لتسريع أبحاث الوقود الحيوي لاستخدامه تجاريا
3 أسباب تقود العالم لتسريع أبحاث الوقود الحيوي لاستخدامه تجاريا

تعمل معظم التشريعات الأوروبية والأمريكية على سرعة إدخال الوقود الحيوي كجزء رئيس من تركيبة وقود وسائل النقل، مثل الجازولين والديزل. وتقوم الولايات المتحدة جاهدة على زيادة إنتاجها من الإيثانول الحيوي لخلطه مع الجازولين بحجة خفض الانبعاثات وتقليل التلوث.
وتشير الدراسات إلى أن الولايات المتحدة تخطط وتعمل على زيادة إنتاجها من الوقود الحيوي ليصل إلى 2.3 مليون برميل يومياً في 2022 م. ومن المعلوم، وبحسب وكالة الطاقة الأمريكية، أن الولايات المتحدة تستهلك حالياً (2008 م) نحو 20 مليون برميل يومياً من المشتقات النفطية التي تستخدم كوقود لوسائل النقل مثل الجازولين وقود السيارات (9 ملايين برميل يومياً) والديزل وقود الشحنات (4 ملايين برميل يومياً) والكيروسين وقود الطائرات (1.5 مليون برميل يومياً). ويجب ملاحظة أن الاستهلاك الأمريكي للنفط في 2008 م انخفض بنحو مليون برميل يومياً عن استهلاك 2007 م. أما في أوروبا فإن الاتحاد الأوروبي يعمل أيضا على وضع التشريعات التي تنظم إدخال الوقود الحيوي إلى وقود وسائل النقل المختلفة، حتى إنه ألزم خلط 10 في المائة من الوقود الحيوي بوقود السيارات النفطي عام 2020.
كل هذه الخطط الطموحة لإضافة جزء كبير من الوقود الحيوي إلى الوقود النفطي مبنية على الاعتقاد بإمكانية إنتاج كميات كبيرة من الوقود الحيوي باستخدام تقنيات زراعية متقدمة لإنتاج ما يسمى "الجيل الثاني من الوقود الحيوي". يجب الانتباه إلى أنه لا يوجد ما يثبت إمكانية إنتاج هذه الكميات، وهناك كثير من الشكوك والتساؤلات عن وجود التقنيات الزراعية وعن إمكانية تطويرها تجارياً. حتى إن المشرّعين الأمريكي والأوروبي ربط وجوب إضافة الوقود الحيوي بالنسب المذكورة بتوافرها تجارياً في إشارة واضحة إلى إمكانية عدم توافرها.
#2#
ويعرض الجدول تطور إنتاج الوقود الحيوي في العالم، حيث سيضاعف إنتاجه في غضون 20 سنة نحو ثلاث مرات. وستقود الولايات المتحدة والدول الأوروبية والبرازيل دول العالم في إنتاج الوقود الحيوي لأسباب ثلاثة، وهي:
* تقليل الانبعاثات الناتجة عن احتراق النفط الأحفوري لتفادي أو تقليل التغيرات المناخية.
* ضمان الإمدادات الضرورية من الوقود، خاصة أن الدول الرائدة في إنتاج الوقود الحيوي لا تمتلك ما يكفيها من الوقود الأحفوري.
* تطوير الزراعة والصناعة في هذه البلدان ودعم المزارعين في إنتاج محاصيل استراتيجية.
الجدير بالذكر أنه توجد تساؤلات كثيرة بشأن تأثير إنتاج الوقود الحيوي بكميات كبيرة في أسعار الغذاء، حيث ربط صندوق النقد الدولي ارتفاع أسعار الذرة بأكثر من 60 في المائة بزيادة الإنتاج الأمريكي للإيثانول باستخدام محاصيل الذرة، وارتفعت أسعار زيت الصويا وزيت النخيل في غضون ثلاث سنوات بأكثر من الضعف. وأيضا هنالك شكوك حول مدى كفاءة الوقود الحيوي بتقليل الانبعاثات البيئية، هذا غير استهلاك كميات كبيرة من الماء والتنافس على مصادرها. كما يجب التنبيه إلى أنه لكي يتم إنتاج كميات كبيرة من الوقود الحيوي تجب زراعة مساحات شاسعة بأنواع معينة من النباتات، وهذا يعنى إزالة مساحات شاسعة من الغابات وهو ما يهدد بإزالة كثير من الغابات وتغيير معالم كوكب الأرض.
لكن من الأمور الغريبة ما توصلت إليه دراسة حديثة تم نشرها في مجلة "العلوم الشهيرة Science" في عدد شباط (فبراير) الماضي، من أن إنتاج الوقود الحيوي بكميات كبيرة لا يقلل من الانبعاثات الكربونية، بل على العكس يزيدها. وخلصت هذه الدراسة إلى أن الولايات المتحدة ستنتج من مليون إلى مليوني برميل يومياً من الوقود الحيوي بحلول عام 2016، وأن هذا الإنتاج بدل أن ينتج عنه تقليل الانبعاثات الكربونية بنحو 20 في المائة سيزيد هذه الانبعاثات بخلاف الاعتقاد السائد.
وتوصل الباحثون أنفسهم إلى أنه في غضون 30 عاماً سيتضاعف حجم الانبعاثات الكربونية جراء إنتاج الوقود الحيوي الأمريكي من محاصيل الذرة، وأن انبعاثات الكربون ستكون أكثر بنحو 50 في المائة فيما لو استخدمت الحشائش لإنتاج الإيثانول.
باختصار، يبدو أن مسألة الوقود الحيوي وعلاقتها بالانبعاثات ذات العلاقة بالتغيرات المناخية لم تحسم بعد، والعلم بأدواته المتطورة كفيل بإماطة اللثام عن مثل هذا المسائل المثيرة للجدل ومتعددة المصالح والوجوه.
إلى هذه اللحظة، وبناء على الدراسات الاقتصادية والعلمية، لم يتضح بعد علو كعب الوقود الحيوي على الوقود الأحفوري، بل على العكس كل يوم يظهر أمرا جديداً يخالف ذلك. الأكيد أن الجدل سيتسع في المستقبل بشأن إنتاج الوقود الحيوي، وستكثر الدراسات والمقارنات بين الوقود الحيوي والأحفوري من حيث الانبعاثات البيئية والفعالية والفائدة للناس.

الأكثر قراءة