يجب على إمام المسجد أن يوجه ويقوم سلوك أبناء الحي
الشيخ حاتم بن أحمد الشنقيطي قاض في المحكمة العامة في الرياض, الابتسامة لا تفارق محياه، تظهر علامات نبوغ بين ثنايا كلامه. يعتبر ضيفنا من الأصوات الجميلة في مدينة الرياض التي ستحتل مكانة في قلوب الشباب ولفترة طويلة، قراءته الهادئة للقرآن، لا تستغرب خاصة لمن لاحظ حديثه وسلوكه الهادئ، ترى السكينة والوقار بين عينيه، تتمنى لو تجلس معه لوقت أطول، ودائما ما يتكرر عليك الموقف عندما تقابل من ترتاح معه ستجد أن الوقت يمضي سريعا، أدعوكم لمتابعة اللقاء, فكلمات الشيخ تنساب بين الصفحات فحاولوا جمعها كيلا تفوت عليكم متابعة ماتعة أرجوها لكم فإلى الحوار:
البطاقة الشخصية
أخوكم حاتم أحمد الشنقيطي
خريج كلية الشريعة
ماجستير المعهد العالي للقضاء وفي طور التحضير للدكتوراة
مواليد 1404هـ
عضو السلك القضائي في المحكمة العامة في الرياض
مركب الإمامة من أين انطلق وأين وصل؟
بدايتي مع الإمامة كانت منذ الصف السادس أو الأول متوسط, وصليت لأول مرة في مسجد في حي الزاهر في مكة المكرمة بالتعاون مع إمام المسجد حيث كنت أنا وأحد زملائي نساعد الإمام على التراويح, ومكثت على هذا عامين ولم أتول الإمامة بعدها إلا عندما انتقلت إلى الرياض للدراسة الجامعية وهناك وبالتحديد في سكن طلاب الجامعة توليت إمامة وخطابة جامع الإسكان, ولله الحمد, وكنت أصلي أحيانا في الجامع الكبير الذي سمي جامع الملك فهد ـ رحمه الله ـ وكان ذلك لمدة عامين ونصف، حتى كان عام 1424 هـ لأكون إماما لهذا الجامع, جامع الصفيان, وتوليت الإمامة والخطابة فيه ومستمر حتى الآن.
ورحلتك مع القرآن متى بدأت وماذا عن أيامك التي قضيتها في حفظه؟
رحلتي مع القرآن وأنا صغير السن حيث كان الوالدان ـ جزاهما الله كل خير, يبثان في نفسي الحماس والمبادرة لحمل هذا القرآن في صدري إلى أن حفظت القرآن كاملا, أما عن الأيام فقد كانت أياما جميلة للغاية هي تلك التي قضيناها في حلق تحفيظ القرآن الكريم, وأذكر الشخص الذي كان يدرسنا ويعلمنا القرآن ولا يمكن أن أنساه وهو الشيخ الفاضل عبد الله الشنقيطي, وكان الشيخ بأسلوبه المحبب يبث التنافس بيننا نحن كطلاب فتجدنا نتسابق على حفظ المقدار المخصص لكل منا ويحاول الطالب أن يأخذ مقدارا أكبر ليسبق أقرانه ولكن الشيخ يمنعه لحكمة يراها شيخنا, والتنافس بيننا كان على أشده، وللحق فقد كانت طريقة الشيخ جميلة, فلك مقدار معين لا تتجاوزه في اليوم وإن تغيب الطالب فلا يستطيع أن يعوض, وأكرر شكري لوالدي ولا أنسى حرصهما وصبرهما الكبير لأكون حافظا لكتاب الله والفضل بعد الله لهما وكذلك معلم الحلقة, جزاه الله خيرا, ومازلت أذكر دور إمام المسجد الشيخ ياسين الأحمدي فقد كان عجيبا في الحرص والمتابعة حتى حفظنا القرآن, كما أشكر الشيخ أحمد علي عواجي الذي قرأت عليه واستفدت منه كثيرا والشيخ محمد الزهري بن ماجد النشيواتي الذي قرأت عليه وأجازني واستفدت منه كثيرا.
ما أثر القرآن في حياة المسلم؟
القرآن الكريم مدرسة, ومن لم يدخل هذه المدرسة لا يفلح في حياته, فالخير والأنس والفضل والحفظ والسؤدد والرفعة في القرآن الكريم, فمن يتجه للقرآن الكريم في كل أموره يسعد في الدنيا والآخرة وسيجد أثره حتما في نفسه وأهله بل حتى فيمن حوله ومن تركه ضاع وشقي والنبي ـ صلى الله عليه وسلم يقول ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) ويجب أن يعتني به المسلم تدبرا وتلاوة وسيجد العون والتوفيق من الله.
هل من نصيحة توجهها لمن يرغب في حفظ القرآن الكريم؟
النصيحة المهمة التي يجب ألا يغفل عنها هو طلب العون من الله ـ عز وجل ـ فيستحيل أن يحفظ أحد القرآن دون توفيقه سبحانه والمهم أن يدعو الله في كل شؤونه، كما أنه لا بد له أن يقرأ القرآن على يد شيخ متقن حتى يستطيع أن يتقن القراءة كذلك, ويستحسن لمن أراد أن يحفظ أن يجد رفقة يحفظ معهم فيتنافسون في الخير، هنا مسألة مهمة وهي البعد عن المعاصي وهي ما قالها الإمام الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاص
ولو حفظ كيف يراجع ما حفظه؟
إن حفظ القرآن فلا بد أن يراجع, ومشايخنا يقولون ورد الكسلان وهو جزء واحد من القرآن يوميا, وهذا لمن لا يجد من نفسه حماسا للمراجعة, وهو ليس شيئا ولكن عليه أن يكثر من المراجعة, وهناك طريقة ذكرها السلف وهي ما كانت في كلمة، ((فمي بشوق)) وهي ختم القرآن في أسبوع, فحرف الفاء يرمز إلى سورة الفاتحة وتمتد إلى سورة المائدة وهي التي يرمز لها بحرف الميم, ثم اليوم التالي يقرأ من المائدة إلى سورة يونس وهي التي يرمز لها حرف الياء, أما حرف الباء فيرمز لسورة بني إسرائيل والحرف الذي يليه هو حرف يرمز إلى سورة الشعراء به, ثم إلى سورة الصافات التي تبدأ بقوله تعالى ((والصافات صفا )) ثم إلى سورة ق, وفي اليوم السابع إلى نهاية القرآن.
كيف ترى دور الحلقات القرآنية وما توجيهك لمرتاديها؟
مهمة جدا خاصة في هذا الوقت حيث يتربى فيها النشء المسلم على الأخلاق الفاضلة والحميدة ويحفظ القرآن الكريم منذ سن مبكرة فهو خير عظيم قل أن تجد من يعيه, كما أنبه إخواني طلاب الحلقات أن يستثمروا أيامهم فيما يفيدهم فإنني ومع الأسف ألحظ تقصيرا من جانبهم في مسألة الحفظ والمراجعة, فأوصيهم بالحرص على الحفظ والمراجعة وألا يلتفتوا للمغريات, كما أوصي الآباء بمتابعة أبنائهم, لأنني أقولها كلمة حق لولا متابعة آبائنا وتوجيههم لما حفظنا القرآن بعد توفيق الله بالطبع.
أسمع أن بينكم لقاءات بشكل مقتصر على أئمة الحي؟
نعم بحمد الله بيننا لقاءات بشكل مستمر كأئمة للحي, وأنا أرى ضرورتها القصوى لكي يتم النقاش بشكل ودي على مشكلات الحي وتنسيق الجهود فيما بيننا لكي نقدم شيئا مما ينبغي على إمام المسجد أو الجامع أن يقوم به من توجيه وتقويم لسلوك أبناء الحي وأهله, وبالمناسبة أنا متابع لحلقاتكم في هذه الجريدة وأضم صوتي لصوت الشيخ عادل الكلباني بضرورة إنشاء رابطة للأئمة تجمعهم, ولكن إن حصل أن تقتصر على كل حي على حدة فهو أفضل لصعوبة الالتقاء بين قراء وأئمة الرياض لكبر مساحتها واتساع رقعتها.
من القارئ الذي تأثرت به؟
في الحقيقة تأثرت كثيرا بالشيخ صلاح البدير إمام الحرم المدني بل كنت متأثرا به كثيرا في قراءته للقرآن وكان هذا أيام كنت في الجامعة بل إنني أهديت الشيخ شريطا بصوتي, فلما سمعه الشيخ قال لي سبحان الله كأنك أنا وما زلت محبا للشيخ وتأثرا بطريقة قراءته ولكنني استلقيت بقراءة خاصة, وأسأل الله الإخلاص في القول والعمل.
هل لديكم برامج تقدمونها في جامع الصفيان؟
نعم أقيمت في الجامع العديد من المحاضرات والدروس والكلمات كذلك, فمما لدينا كلمة كل أسبوع تقريبا, كما زارنا العديد من العلماء والدعاة في المملكة من أبرزهم فضيلة الشيخ عبد الله المطلق وفضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك وفضيلة الشيخ عبد الله بن غديان وفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين, كذلك زارنا فضيلة إمام الحرم المدني الشريف فضيلة الشيخ عبد المحسن القاسم ورئيس مجلس الشورى الشيخ صالح بن حميد ويزورنا الدعاة بشكل مستمر والجامع لديه نشاط واسع في الدعوة وذلك برعاية كريمة من مكتب الدعوة والإرشاد بفرع شمال الرياض.